تظل الاتفاقات والآليات لوقف أعمال العنف أو إدارتها عنصرًا لا غنى عنه في عمليات السلام الهادفة إلى إنهاء النزاعات المسلحة. وغالبًا ما تكون اتفاقات وقف إطلاق النار من أولى القضايا التي يسعى المتحاربون للتفاوض بشأنها. وفي الحروب الأهلية، قد تكون هذه الاتفاقات أساسًا لإجراء محادثات سلام جامعة وشاملة للجميع. أما في الأماكن التي يتعذر فيها إجراء محادثات شاملة، فقد يساعد وقف إطلاق النار الجزئي أو المؤقت أو المحلي أو الإنساني في تهدئة النزاع والحد من أعمال العنف.
منذ صدور قرار مجلس الأمن 50 (1948) الذي دعا إلى وقف الأعمال العدائية في فلسطين تحت مراقبة الأمم المتحدة، شاركت المنظمة في مئات من اتفاقات وقف إطلاق النار. وبالاستناد إلى هذه الخبرة المؤسسية الكبيرة، تساهم وحدة دعم الوساطة في تقديم الدعم التشغيلي والتوجيه الاستراتيجي وتنظيم مبادرات بناء القدرات في مجال التفاوض أو الوساطة لوقف إطلاق النار لمجموعة كبيرة من الشركاء حول العالم، بما في ذلك كبار المسؤولين في الأمم المتحدة، والدول الأعضاء، والمنظمات الإقليمية والشركاء الآخرين.
الدعم التشغيلي
تلبي وحدة دعم الوساطة عشرات الطلبات سنويًا التي تتلقاها من شركاء الأمم المتحدة وغير شركاء الأمم المتحدة لتزويدهم بالخبرة التقنية المستهدفة والدعم التشغيلي والمشورة بشأن وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية. يُقدَّم هذا الدعم بانتظام إلى كل من شركاء الأمم المتحدة وغير شركاء الأمم المتحدة من قبل كبار مستشاري وحدة دعم الوساطة وآلية فريق كبار مستشاري الوساطة الاحتياطي (بما في ذلك المتخصصون في وقف إطلاق النار العاملون بدوام جزئي).
يمكن أن يشمل هذا الدعم التشغيلي، على سبيل المثال لا الحصر، الأنشطة التالية:
- الاستعراض المكتبي أو التحليل أو تقديم المشورة التقنية في مجال مواضيعي محدد لوقف إطلاق النار. تقدم وحدة دعم الوساطة بانتظام المشورة التقنية لبعثات الأمم المتحدة المكلَّفة بالتفاوض أو المساعدة في تنفيذ وقف إطلاق النار، بما في ذلك بعثات في كولومبيا وليبيا واليمن؛
- عمليات الانتشار عن بُعد أو في الموقع لتحقيق نتائج محددة تتعلق بتصميم عملية وقف إطلاق النار أو التفاوض بشأنها أو إدارتها. وفي العام 2024، دعمت وحدة دعم الوساطة المحادثات غير المباشرة التي عقدها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان لاستكشاف التدابير والخيارات التي تكفل توزيع المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في جميع أنحاء السودان؛
- تقديم الدعم للتخطيط لورش عمل مواضيعية وجلسات مشاركة مصممة حسب الطلب وتنفيذها مع الأطراف الوطنية المعنية خلال عملية وقف إطلاق النار. وفي العام 2023، ساعدت وحدة دعم الوساطة بعثة الأمم المتحدة للرصد والتحقق في كولومبيا والنرويج في تنظيم ورش عمل منفصلة لحكومة كولومبيا وجيش التحرير الوطني حول الخبرة العالمية في التفاوض على وقف إطلاق النار وإدارته.

التوجيه الاستراتيجي
إن اتفاقات وقف إطلاق النار قديمة قدم النزاعات المسلحة. وكل اتفاق من هذه الاتفاقات هو فريد من نوعه ويتم السعي إليه في سياق سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي وإنساني أوسع نطاقًا. ويمكن للتحليل الدقيق لهذا السياق الديناميكي -بخاصة الأبعاد السياسية- أن يساعد الوسطاء في العمل مع الأطراف لصياغة وقف إطلاق النار بشكل واقعي.
تقوم وحدة دعم الوساطة بإعداد وثائق التوجيه الاستراتيجي بشأن وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية للقيادات العليا في الأمم المتحدة وموظفيها، والوسطاء، والميسرين والشركاء الخارجيين. وكانت التوجيهات الرائدة بشأن الوساطة في عمليات وقف إطلاق النار التي أصدرتها إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام في عام 2022 هي الأولى من نوعها عالميًا وهي بمثابة دليل مرجعي رئيسي للأطراف المعنية التي تسعى إلى إيجاد سُبلٍ للخروج من النزاعات المسلحة.
بناء القدرات
تشمل المفاوضات أو الوساطة لوقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية مناقشات حول مجموعة من القضايا التقنية المعقدة. ويجب أن يكون لدى الأطراف المعنية المعرفة التقنية اللازمة للمفاهيم التي تتيح لهم عرض رؤيتهم ومواقفهم بطريقة منطقية ومتسقة. كما يهدف بناء القدرات أيضًا إلى زيادة قدرتهم على إيجاد خيارات أكثر واقعية وتحديد المجالات المشتركة للتوصل إلى اتفاق محتمل.
لذلك، تعمل إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام على استكمال أنشطتها التشغيلية بنهج عالمي طموح لبناء قدرات موظفي الأمم المتحدة والشركاء وأطراف النزاع في صنع السلام. فابتداءً من عام 2012، شاركت إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام في تقديم دورة الأمم المتحدة التدريبية السنوية حول الوساطة في وقف إطلاق النار مع النرويج وسويسرا. وعلى الرغم من أن هذه الدورة مفتوحة لموظفي الأمم المتحدة، إلا أنها موجهة بشكل خاص إلى ممثلي الأطراف الحكومية وغير الحكومية في النزاع. وإذ تدرك إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود المستهدفة للتغلب على العقبات التي تحول دون مشاركة المرأة في وقف إطلاق النار، قامت هذه الإدارة في العام 2021 بإطلاق دورة تدريبية عبر الإنترنت بعنوان «المرأة في مفاوضات وقف إطلاق النار» (WiCC) التي تركِّز على النساء من بيئات النزاع.
بالتعاون مع الشركاء، تقوم وحدة دعم الوساطة أيضًا بإعداد ورش عمل مواضيعية وجلسات مشاركة مصممة حسب الطلب مع الأطراف المعنية الوطنية خلال عملية وقف إطلاق النار.
صورة الأمم المتحدة/أغنيسكا ميكولسكا
دورة الأمم المتحدة التدريبية السنوية حول الوساطة في وقف إطلاق النار - أوسلو، النرويج
تُجري وحدة دعم الوساطة دورة الأمم المتحدة التدريبية السنوية حول الوساطة في وقف إطلاق النار على أساس سنوي. ويجري هذا التدريب بالشراكة مع مركز الدفاع النرويجي الدولي/وزارة الخارجية النرويجية ووزارة الخارجية الاتحادية السويسرية.
يحضر التدريب مسؤولون من المستويين المتوسط والرفيع من الأمم المتحدة وشركائها الذين يعملون حاليًا في بيئة يتم فيها التوسط أو سبق أن بدأ فيها التوسط للوصول إلى ترتيب لوقف إطلاق النار، والذين يشاركون مباشرةً في وضع الترتيب لوقف إطلاق النار أو دعمه أو إدارته. وبالإضافة إلى موظفي الأمم المتحدة الميدانيين وموظفي المقر، يحضر التدريب أيضًا ممثلون مختارون من الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية أو دون الإقليمية وأطراف النزاع الذين يقدمون رؤى واقعية وخبرات ثرية للدورة التدريبية.
الدورة السنوية الإلكترونية للأمم المتحدة حول المرأة ووقف إطلاق النار
لا تزال المرأة حول العالم أقل تمثيلاً بكثير بصفتها مشارِكة مباشرة في مفاوضات وقف إطلاق النار وتنفيذه. لذا، تسعى هذه الدورة الموسعة عبر الإنترنت إلى زيادة عدد النساء اللواتي يتمتعن بالمهارات التقنية للمشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية وتنفيذها. ويتم عقد هذه الدورة سنويًا مع حوالي 30 إلى 35 امرأة من مجموعة متنوعة من السياقات العالمية. ويجري تنظيم هذه الدورة تعزيزًا لالتزام إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام بتنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن، لا سيما لدعم مشاركة المرأة الكاملة والمتساوية والهادفة في جهود السلام وتعزيز الترتيبات الأمنية المراعية للنوع الاجتماعي. لأية استفسارات، يرجى التواصل على women-in-ceasefires@un.org.